
نابل : عصابات منظمة لسرقة المواشي
لم تعد سرقة المواشي حدثا عابرا يدرج بصفحات المتفرقات في الصحف اليومية بل انها اضحت “ظاهرة خطيرة” تؤكدها ارقام وزارة الداخلية التي كشفت أن عدد الشكايات التي تخص سرقات المواشي بلغ السنة الفارطة 1876 شكاية وفاق 778 شكاية بالنسبة للسداسية الاولى من سنة 2017
وما فتئت الهياكل والمنظمات الفلاحية، تطلق “صرخات الانذار” ثم الاستغاثة لايقاف هذا النزيف الذي بات يهدد قطاع تربية الماشية سيما وان عمليات السرقة اضحت تتم حتى في وضح النهار.
ولاية نابل وخاصة منطقة الدخلة، التي تجمع معتمديات منزل تميم والميدة ومنزل حر بالاضافة الى معتمديات قربة وبني خلاد ومنزل بوزلفة والتي تعد من اهم المعتمديات الفلاحية في الجمهورية، شكلت في السنوات الاخيرة عينة لما اصبح يعانيه القطاع الفلاحي من صعوبات زادها تكاثر السرقات تعقيدا.
وان لم تتمكن بعد الهياكل الفلاحية من احصاء السرقات الفلاحية وتقييم انعكاساتها خاصة وانها تطورت لتشمل بالاضافة الى المواشي مضخات الري والمعدات الفلاحية وحتى معدات الري قطرة قطرة والمحاصيل، وفق ما أفاد به رئيس الاتحاد الجهوي بنابل، عماد الباي.
وشدد الباي على أن سن قانون لحماية الفلاحين من السرقات اصبح حاجة ملحة داعيا نواب الشعب الى الاسراع بالنظر والمصادقة على مشروع القانون المقترح عليهم لايقاف هذه الظاهرة “التي مافتئت تستفحل من سنة الى اخرى”.
ويشار إلى أن لجنة الفلاحة والأمن الغذائي والتجارة والخدمات بمجلس نواب الشعب بصدد مناقشة مبادرة تشريعية تقدم بها عدد من نواب حركة النهضة تتعلق بمشروع قانون خاص بحماية الفلاحين من السرقات (عدد 21/2017).
ويتكون مشروع القانون من أربعة فصول اتسمت في مجملها بتشديد العقوبة على مقترفي جريمة السرقة في الميدان الفلاحي لتصل إلى 5 سنوات مع عدم امكانية تطبيق أحكام الفصل 53 من المجلة الجزائية المتعلق بتخفيف العقاب.
وشدد الباي في ذات السياق، على ضرورة تشديد العقوبات على مرتكبي عمليات السرقة وادراج عمليات السرقات الفلاحية ضمن السرقات الموصوفة التي تستدعي عقوبات باكثر من 5 سنوات سجن حتى يتم ردع السارق ومن تخول له نفسه ممارسة السرقة.
ولاحظ أن اطلاق سراح السارق وفق القوانين الحالية بعد انقضاء مدة 6 او 8 اشهر لا يحل المشكل بل انه “اصبح مبعث خوف بالنسبة للفلاحين الذين يتقدمون بشكايات والذين هم عرضة لتشفي المجرمين”.
وأشار الباي، الى انه من بين الطرائف التي جدت بجهة الوطن القبلي ان احد الفلاحين القي بالسجن بسبب دفاعه عن ممتلكاته عندما القى القبض على احد اللصوص وقام بربطه وتقديمه الى مركز الشرطة.
ودعا الباي الى بعث وحدة للامن الفلاحي على غرار الأمن السياحي والشرطة البيئية مبرزا ضرورة تكثيف المراقبة على الطرقات والدوريات الامنية في المناطق الفلاحية ومساعدة الفلاحين على تزويد مواشيهم بالشريحة الالكترونية وتكثيف المراقبة على اللحوم التي اصبحت تباع على قارعة الطريق على مراى ومسمع الدوريات الامنية وفرق المراقبة الصحية والاقتصادية ومختلف السلط المحلية والجهوية دون التثبت من مصدرها.
السرقات الفلاحية نشاط عصابات منظمة تعمل في وضح النهار
ووصل الحد الى أن أحد الفلاحين اصيلي منزل تميم رفض ذكر اسمه خوفا من ان يستهدفه اللصوص ليؤكد ان عمليات السرقة اصبحت تحدث في وضح النهار وباستعمال سيارات خفيفة يتم اكتراؤها واقتلاع مقاعدها الخلفية لتتجول بكل راحة دون ان تثير حفيظة المارة وتستعمل لسرقة رؤوس ابقار او غيرها من المواشي وحتى في حالات بحضور اصحاب الضيعات الفلاحية.
وشدد على ان التصدي لهذه الظاهرة يتطلب تكاثف جهود عديد الاطراف خاصة وان العمليات اصبحت تتم بواسطة عصابات منظمة وتوكل المهمة الاولى لمن يسرق الذي يتفنن في نشاطه باستعمال ادوية لقتل الكلاب على ان يتولى طرف ثان النقل وطرف ثالث عملية ” التذويب” وهي عملية البيع او الذبح والترويج الى لحم على محلات الجزارة والمطاعم.
ودعا بالخصوص الى ضرورة تكثيف المراقبة على الطرقات خاصة وان نقل المسروق يتم وفق رزنامة انتصاب اسواق الدواب بعدد من جهات الجمهورية وبعد عمليات مراقبة لاجمل الاراخي مؤكدا الحاجة الى مراقبة المسالخ خاصة وان القانون يمنع ذبح انثى الابقار الا بترخيص ومراقبة اسواق الدواب بالتثبت من الرؤوس المروجة.
واقترح ذات الفلاح في هذا الصدد تركيز معدات مراقبة الكترونية متنقلة للتثبت من ترقيم الابقار وغيرها من المواشي واعتماد الاسترسال للحوم.
ودعا من جهة اخرى ديوان تربية الماشية الى تحمل مسؤولياته والى التحرك في اتجاه مساعدة المربين على مواصلة نشاطهم وايجاد الحلول الفعلية والعملية لايقاف السرقات والعمل من اجل بعث محكمة فلاحية او تكوين قضاة مختصين في الميدان الفلاحي.
مقترحات الفلاحين وتشكايتهم علق عليها مصدر مسؤول باقليم الحرس الوطني بنابل الذي اكد أن مختلف الوحدات الامنية تواصل عملها للتصدي للجريمة مبرزا انها تولت في عديد المناسبات ايقاف عديد اللصوص وحتى بعض الشبكات متعددة الاطراف والتي وصلت في احدى العمليات الى 32 شخص بما فيها السارق والناقل والمروج والجزار مبرزا ان التصدي لهذه الظاهرة يحتاج الى تظافر جهود مختلف الاطراف بدءا بالفلاح.
وأشار الى ضرورة تلافي النقص الذي يتم ملاحظته في منظومات التامين الذاتي بالنسبة للفلاحين اما بغياب الحراسة على الاسطبلات او بغياب الاسيجة وحتى تاخير الاعلام بعمليات السرقة مبينا أن التحريات اثبتت في عديد عمليات السرقة ان السرقة تتم من داخل التجمع الريفي الواحد زد على ان جهة الوطن القبلي تستقطب عديد العمال الفلاحيين الموسميين الذين يتم تشغيلهم دون الاعلام عن هوياتهم او عن عناوين اقامتهم وغالبا ما يكونون ضالعين في التخطيط لعمليات السرقة.
ودعا الى ضرورة ان تتولى الهياكل الفلاحية اعتماد الترقيم بالنسبة لكل انواع المواشي واعتماد ترقيم خاص بكل ولاية بما يسهل عمليات المراقبة على الطرقات مبرزا ضرورة تطوير عمليات التامين الذاتي خاصة بالنسبة لكبار المربين من خلال تركيز معدات المراقبة والاسترشاد اكثر على العمال الموسميين.